إجراءات التحكيم في السعودية
يعد التحكيم من أقدم وسائل فض النزاع ،حيث أتجه إليه الناس في المراحل الأولى من تكوين الفكر الإنساني وبالتالي، فهو أقدم وأهم مظاهر العدالة في المجتمعات البشرية ، ومع تطور الحضارات الإنسانية وظهور النظام القضائي كإحد أجهزة الدولة لتحقيق العدالة بين البشر ، ظل التحكيم ملازماً لها كوسيلة يلجأ إليها الأفراد لفض النزاعات ، ولهذا تم تقنين العديد من الأنظمة والقوانين في جميع دول العالم لتنظم الإطار القانوني للتحكيم ، فأصبح التحكيم اليوم من أهم وسائل فض النزاعات محلياً ودولياً ، وخلال هذا المقال سنوضح نحن مكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية إجراءات التحكيم التجاري الدولي في السعودية.
ما هو اتفاق التحكيم؟
صدر نظام التحكيم في السعودية عام 1433 هجرياً بالمرسوم الملكي رقم (م/34) وهذا النظام يسري على كل تحكيم، أياً كانت طبيعة العلاقة النظامية التي يدور حولها النزاع، إذا جرى هذا التحكيم في المملكة، أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجرى في الخارج، واتفق طرفاه على إخضاعه لأحكام هذا النظام.
وعرف النظام اتفاق التحكيم في المادة الأولي منه بإنه ( هو اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في شأن علاقة نظامية محددة، تعاقدية كانت أم غير تعاقدية، سواءً أكان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد، أم في صورة مشارطة تحكيم مستقلة).
متى يعد التحكيم تجاري دولي؟
لقد حددت المادة الثالثة من نظام التحكيم السعودي إنه يعد التحكيم دولياً إذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية، وذلك في الأحوال الآتية:
- إذا كان المركز الرئيس لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في أكثر من دولة وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطاً بموضوع النزاع، وإذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم أو كليهما مركز أعمال محدد فالعبرة بمحل إقامته المعتاد.
- إذا كان المركز الرئيس لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في الدولة نفسها وقت إبرام اتفاق التحكيم، وكان أحد الأماكن الآتي بيانها واقعاً خارج هذه الدولة:
- مكان إجراء التحكيم كما عيَّنه اتفاق التحكيم، أو أشار إلى كيفية تعيينه.
- مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة من العلاقة التجارية بين الطرفين.
- المكان الأكثر ارتباطاً بموضوع النزاع.
- إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة، أو هيئة تحكيم دائمة، أو مركز للتحكيم يوجد مقره خارج المملكة.
- إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة.
ما هي إجراءات التحكيم في السعودية؟
لقد تضمن نظام التحكيم السعودي ولائحته التنفيذية مجموعة من الإجراءات المنظمة لعملية التحكيم في السعودية ، حيث أجاز النظام لطرفي التحكيم اختيار الإجراء الواجب الاتباع في مسألة معينة، فإن ذلك يضمن حقهما في الترخيص للغير في اختيار هذا الإجراء، ويعد من الغير في هذا الشأن كل فرد، أو هيئة، أو منظمة، أو مركز للتحكيم في المملكة العربية السعودية، أو في خارجها، ويجوز للأطراف إخضاع علاقة التحكيم بينهما لأحكام أي وثيقة (عقد نموذجي، أو اتفاقية دولية أو غيرهما)، وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم، وذلك بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
اولا:- اتفاق التحكيم
لقد حدد نظام التحكيم السعودي عدة شروط في المادة التاسعة منه لاتفاق التحكيم وهم كالتالي:-
- يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً، وإلا كان باطلاً.
- يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقاً على قيام النزاع سواء أكان مستقلاً بذاته، أم ورد في عقد معين.
- يجوز أن يكون اتفاق التحكيم لاحقاً لقيام النزاع، وإن كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام المحكمة المختصة، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم، وإلا كان الاتفاق باطلاً.
- يعد بمثابة اتفاق التحكيم بشرط أن تكون مكتوبة ما تضمنه محرر صادر من طرفي التحكيم، أو إذا تضمنه ما تبادلاه من مراسلات موثقة، أو برقيات، أو غيرها من وسائل الاتصال الإلكترونية، أو المكتوبة. وتعد الإشارة في عقد ما، أو الإحالة فيه إلى مستند يشتمل على شرط للتحكيم،
- كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجي، أو اتفاقية دولية، أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد، تعد بمثابة اتفاق تحيكم.
- الجهات الحكومية في السعودية لا يجوز لها الاتفاق على التحكيم كحل للنزاع إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء.
ثانيا:- هيئة التحكيم
عرفت المادة الأولى من نظام التحكيم هيئة التحكيم بإنها هي ( المحكم الفرد أو الفريق من المحكمين، الذي يفصل في النزاع المحال إلى التحكيم.)
ويتم تشكيل هيئة التحكيم من محكم واحد أو أكثر، على أن يكون العدد فردياً وإلا كان التحكيم باطلاً، ويشترط في المحكم :
- أن يكون كامل الأهلية.
- أن يكون حسن السيرة والسلوك.
- أن يكون حاصلاً على الأقل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية، وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم فيكتفى توافر هذا الشرط في رئيسها.
ثالثا:- مكان التحكيم
يتم اختيار مكان التحكيم وفقاً لرغبة الأطراف سواء داخل المملكة أو خارجها ، وإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى، وملاءمة المكان لطرفيها، ولا يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبا للمداولة بين أعضائها، ولسماع أقوال الشهود، أو الخبراء، أو طرفي النزاع، أو لمعاينة محل النزاع، أو لفحص المستندات، أو الاطلاع عليها.
رابعا:-صدور حكم التحكيم
يتم صدور حكم التحكيم بأغلبية أعضاء الهيئة التحكيمية بعد المداولة سريعاً ، وفي حال اختلفت اراء المحكمين حول الحكم ولم يكن ممكناً حصول الأغلبية فلهيئة التحكيم اختيار محكم مرجح خلال (15) يوماً من قرارها بعدم إمكان حصول الأغلبية وإلا عينت المحكمة المختصة محكماً مرجحاً.
وفي حال كانت هيئة التحكيم مفوضة بالصلح وجب أن يصدر الحكم به بالإجماع.
يتم صدور حكم التحكيم كتابة ويكون مسبباً، ويوقعه المحكمون، وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يُكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن يثبت في محضر القضية أسباب عدم توقيع الأقلية.
خامسا: حجية حكم التحكيم
نصت المادة(52) من نظام التحكيم أنه يحوز حكم التحكيم الصادر حجية الأمر المقضي به، ويكون واجب النفاذ.
وتصدر المحكمة المختصة أو من تندبه، أمراً بتنفيذ حكم المحكمين. ويقدم طلب تنفيذ الحكم مرافقاً له الآتي:
- أصل الحكم أو صورة مصدقة منه.
- صورة طبق الأصل من اتفاق التحكيم.
- ترجمة لحكم التحكيم إلى اللغة العربية مصدق عليها من جهة معتمدة، إذا كان صادراً بلغة أخرى.
- ما يدل على إيداع الحكم لدى المحكمة المختصة أو تودع صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره..
اقرأ ايضا: رأي الخبير لا يقيد المحكمة
أسئلة هامة حول تشكيل هيئة التحكيم :
ماذا لو كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد، من يقوم باختياره؟
يقوم الأطراف باختيار المحكمين ، ولكن في حال الاختلاف بينهم ، تقوم المحكمة المختصة باختياره.
كيف يتم الاختيار لو كانت هيئة التحكيم مكونة من ثلاثة محكمين ، من يقوم باختيارهم؟
إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين يختار كل طرف محكماً عنه، ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال خمسة عشر يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال خمسة عشر يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما ؛ تولت المحكمة المختصة اختياره بناءً على طلب من يهمه التعجيل، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب، ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان، أو الذي اختارته المحكمة المختصة رئاسة هيئة التحكيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين.
ماذا لو أختلف الأطراف حول تعيين هيئة التحكيم ؟
في تلك الحالة إذا لم يتفق طرفا التحكيم على إجراءات اختيار المحكمين، أو خالفها أحد الطرفين، أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عُهد به إليه في هذا الشأن، تولت المحكمة المختصة – بناءً على طلب من يهمه التعجيل – القيام بالإجراء، أو بالعمل المطلوب، ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل.
ختاماً ، يعد التحكيم من أهم الوسائل التي تلجأ إليها الشركات لأجل حل النزاعات المختلفة فيما بينهم ، وحالياً ما تحتوي جميع أنواع وصيغ العقود على شرط اللجوء إلى التحكيم في حال حدوث نزاع ، ولهذا فإنه لابد من الاستعانة بمحامي خبير ومتخصص في أنظمة وقوانين وقواعد التحكيم ، ونحن في السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية لدينا خبرة في كل ما يخص إجراءات التحكيم، وبالإضافة إلى أننا نوفر خدمة الاستشارات القانونية لجميع أنواع الشركات أثناء اللجوء إلى التحكيم ،حيث يحظى المكتب بخبرة واسعة في مجال التحكيم التجاري الدولي، ويوظف فريق العمل هذه الخبرة والمعرفة في لاستهداف مصلحة العميل واستدامة نشاطه ، فلا تتردد في التواصل معنا.
تعرف على خدمات مكتب السلامه للمحاماة