الدعوى التأديبية في القانون السعودي
يعتبر الموظف العام هو أساس الجهاز الإداري للدولة ويحتل مركزاً وظيفياً هاماً يعينه منذ تعيينه إلى أن تنقضي العلاقة الوظيفية بالطرق المشروعة ، ولأنه يعد العنصر المتحكم في أداء العمل الحكومي وأنشطته المختلفة ، فهو يتمتع بالعديد من الحقوق ويتحمل العديد من الواجبات التي يجب الالتزام بها وفقاً للنظام والقانون ، ولهذا فإن أي إخلال بواجبات وظيفته هو الأساس الذي تقوم عليه مساءلته التأديبية ، والسند الذي ترتكز عليه سلطة التأديب في معاقبته ، ولهذا لم تغفل الأنظمة والقوانين في السعودية على النص على الدعوى التأديبية وتنظيمها ، فلقد نصت المادة (13) من نظام ديوان المظالم أن المحاكم الإدارية تختص بالنظر في الدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة. وصدر نظام الانضباط الوظيفي لعام 1443 ه وقواعد الضبط ورفع الدعوى التأديبية ونظرها لعام 1443 ه لأجل بيان طبيعة وإجراءات الدعوى التأديبية وآثارها ، وخلال هذا المقال سيوضح مكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية كل ما يخص الدعوى التأديبية في القانون السعودي.
ما هو تعريف الدعوى التأديبية في النظام السعودي؟
تعد الدعوى التأديبية إحدى صور الدعاوى الإدارية التي يختص بنظرها ديوان المظالم ، وتعرف الدعوى التأديبية بأنها هي الدعوى التي ترفعها الجهة الإدارية المختصة ضد الموظف العام نتيجة لتصرف يصدر منه أثناء أداء وظيفته أو خارجها إيجاباً أو سلباً مما يعد إخلالاً بواجبات الوظيفة ،
ولقد عرف نظام الانضباط الوظيفي في المادة الأولى منه المخالفة التأديبية بأنها عبارة عن كل عمل، أو امتناع عن عمل، يصدر عن الموظف، يتضمن خروجًا على الواجبات، أو ارتكابًا للمحظورات الوظيفية المنصوص عليها نظامًا، أو يشكل مساسًا بشرف وكرامة الوظيفة.
المسؤولية التأديبية للموظف العام
تعرف المسؤولية التأديبية للموظف العام بأنها كل تصرف يصدر عن الموظف ويؤدي إلى ظهوره بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة وتمس الجهاز الإداري الذي ينتسب إليه حتى وإن وقع منه خارج مقر عمله وفي غير أوقات العمل المقررة نظاماً.
تقوم المسؤولية التأديبية للموظف العام على ثلاثة أركان أساسية يجب توافرهما ، كالتالي:-
اولاً:-الركن المادي للمسؤولية التأديبية.
الركن المادي للمسؤولية التأديبية هو الخطأ الذي يرتكبه الموظف العام ، ويتمثل في الفعل الإيجابي أو السلبي المنحرف ويكون محل المساءلة التأديبية، ويتمثل هذا الفعل في إتيان عمل أو امتناع عن القيام به محدثاً بذلك مخالفات للواجبات الوظيفية ، ولم يقم المنظم السعودي بحصر الأفعال المادية التي ترتب مسؤولية الموظف وتكون الركن المادي للجريمة التأديبية ، ولكن يشترط فيه أن تكون الوقائع ملموسة وثابتة ومحددة وصادرة من شخص يرتبط به علاقة وظيفية خاضعة للتأديبي المقرر في حال ارتكاب المخالفة ، فلا يعتد بالنوايا وما يدور في داخل ضمير الموظف.
ثانياً:-الركن المعنوي للمسؤولية التأديبية.
يقصد بالركن المعنوي للمسؤولية التأديبية هي الإرادة الآثمة للموظف العام ، فيجب أن يقع الفعل المكون للمخالفة التأديبية سواء كان إيجابي أو سلبي وأن يعبر عن إرادة آثمة له ، حيث تلك الإرادة تجعله مذنباً ومستحقاً للمساءلة التأديبية ، وتستوي الإرادة الآثمة العمدية أو غير العمدية ( تندرج تحت وصف الإهمال والتقصير).
ثالثاً:-الركن القانوني للمسؤولية التأديبية.
صفة الموظف العام هي الركن والشرط القانوني الأساسي لانعقاد المسؤولية التأديبية على عكس المسؤولية الجنائية التي تنعقد لجميع الأشخاص سواء كان موظفاً عاماً ام لا ، وهذا أهم ما يميز المسؤولية التأديبية هي أنها تطبق على الموظف العام.
ولقد عرفت المادة الأولى من نظام الانضباط الوظيفي الموظف العام بأنه هو من يعمل لدى الدولة، أو لدى أحد الأجهزة ذات الشخصية المعنوية العامة بوظيفة مدنية -بأي صفة كانت- سواء كان يعمل بصورة دائمة أو مؤقتة.
أمثلة على المخالفات التي تترتب عليها مسؤولية تأديبية
نصت المادة الخامسة من نظام الانضباط الوظيفي أنه ( كل موظف ثبت ارتكابه مخالفة مالية أو إدارية أو مسلكية مما يعد إخلالًا بواجب من واجباته الوظيفية، يطبق عليه الجزاء المنصوص عليه في النظام، وذلك دون إخلال بالحق في رفع دعوى الحق العام، أو دعوى الحق الخاص.) وبالتالي، وفقاً لتلك المادة يوجد العديد من الأمثلة على المخالفات التأديبية التي تقع على الموظف ويترتب عليها مسؤولية تأديبية مثل:-
المخالفات المالية:
هي التي ترتبط بحق أو أمر مالي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد إداراتها ، وفي الغالب تكون عبارة عن مخالفة القواعد المالية المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المالية ، ويترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص أو الهيئات الخاضعة لديوان المرافق العامة أو المساس بالمصالح المالية لها.
المخالفات الإدارية:
تتمثل في أفعال الموظف التي تتضمن الخروج عن مقتضى الواجب الوظيفي المنصوص عليها في النظم واللوائح مثل عدم طاعة أوامر رؤساء العمل وأداء العمل في المواعيد المحددة وعدم إفشاء أسرار الوظيفية ، وغيرها من المخالفات الإدارية الأخرى.
المخالفات المسلكية.
هي النوع الثالث من المخالفات التأديبية والتي تدخل ضمن المخالفات الإدارية التي تقع من الموظف العام سواء داخل العمل أو خارجه.
يهمك أيضا : الاثبات الالكتروني في القانون السعودي
ما هي جزاءات المحكمة التأديبية؟
نصت المادة (12) من نظام الانضباط الوظيفية في الفقرة (ب) منها أنه ( للمحكمة المختصة إيقاع أي من الجزاءات المنصوص عليها في النظام في الدعاوى التي ترفعها إليها الهيئة.) ولقد نص النظام في المادة (6) منه أن الجزاء الذي يجوز إيقاعه على الموظف هو:
- الإنذار المكتوب.
- الحسم من الراتب بما لا يتجاوز صافي راتب (ثلاثة) أشهر على ألَّا يتجاوز المحسوم شهريًّا (ثلث) صافي الراتب الشهري.
- الحرمان من علاوة سنوية واحدة.
- عدم النظر في ترقيته بما لا يتجاوز سنتين من تاريخ استحقاقه للترقية.
- الفصل من الخدمة.
وبالتالي يجوز للمحكمة توقيع تلك الجزاءات السابق ذكرها على الموظف العام.
متى تسقط الدعوى التأديبية؟
نصت المادة (20) من نظام الانضباط الوظيفي على الحالات التي يجوز فيها أن تسقط الدعوى التأديبية وتلك الحالات كالتالي:-
- الوفاة.
- العجز الصحي الكلي الذي تتعذر معه مساءلة الموظف، المثبت بتقرير طبي من الهيئة الطبية العامة.
- مضي سنتين من تاريخ اكتشاف وقوع المخالفة دون اتخاذ أي من إجراءات التحقيق أو المحاكمة، أو مضي سنتين من تاريخ اتخاذ آخر إجراء. وإذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة تجاه أحدهم يترتب عليه انقطاعها تجاه الآخرين.
ولقد نصت المادة (21) من ذات النظام على (مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة الأخرى، تمحا الجزاءات التأديبية الموقعة على الموظف بعد مضي سنتين من تاريخ صدورها، ما لم يصدر في حقه جزاء آخر خلال تلك المدة. وفي هذه الحالة تحسب المدة من تاريخ صدور قرار الجزاء الأخير.)
ماذا يعني رد الدعوى في القانون السعودي؟
يقصد برد الدعوى التأديبية هو رفض الدعوى طبقاُ لأسباب معينة وقد تكون أسباب موضوعية أو إجرائية ، كالتالي:-
اولاً:-الأسباب الموضوعية لرد الدعوى التأديبية
الأسباب الموضوعية تعني أن الدعوى غير قائمة على سبب قانوني صحيح أو الواقعة المنسوبة لا تستوجب التأديب، ومنها:
- انعدام المخالفة التأديبية : إذا كانت الواقعة المنسوبة للموظف لا تشكل إخلالًا بواجباته الوظيفية أو لا ترتب مخالفة نظامية.
- عدم كفاية الأدلة :إذا لم تتوفر أدلة كافية لإثبات المخالفة التأديبية المنسوبة للموظف.
- ثبوت عدم مسؤولية الموظف : كأن يُثبت الموظف أن الفعل لم يصدر عنه أو أنه التزم بالتعليمات الرسمية أو أن التصرف كان مشروعًا أو ناتجًا عن أوامر واجبة التنفيذ.
- وجود مبرر مشروع للفعل: كأن يثبت الموظف أنه ارتكب المخالفة بسبب ظرف قهري أو ضرورات مهنية، ويكون ذلك مقبولًا نظامًا.
ثانياً: الأسباب الإجرائية لرد الدعوى التأديبية
الأسباب الإجرائية تعني أن هناك خللًا في الإجراءات القانونية التي أدت لإقامة الدعوى، ومن أبرزها:
- رفع الدعوى من غير ذي صفة : إذا قدمت الشكوى أو أقيمت الدعوى التأديبية من جهة غير مختصة قانونًا.
- انقضاء المدة النظامية لرفع الدعوى التأديبية.
- سبق الفصل في الموضوع (قوة الشيء المحكوم به) :إذا سبق أن صدر قرار تأديبي نهائي بشأن المخالفة ذاتها ضد الموظف.
- مخالفة إجراءات التحقيق : كعدم سماع أقوال الموظف أو عدم مواجهته بالتهم الموجهة له أو حرمانه من حق الدفاع.
- عدم وجود قرار إحالة من الجهة المختصة : في بعض الجهات، يتطلب الأمر قرارًا رسميًا من هيئة معينة لإحالة الموظف للتحقيق.
تعد الدعوى التأديبية من أشهر الدعاوى الإدارية والتي ترفع بشكل دائم أمام قضاء ديوان المظالم ، ومكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية متخصص في هذا النوع من الدعاوى وكيفية رفعها ومتابعتها ومعرفة الإجراءات الدقيقة الخاصة بها ، وهذا لأن المكتب يمتلك فريق عمل محترف في الترافع والمرافعة أمام ديوان المظالم في السعودية.
أقرأ ايضا : ما هو نظام الانضباط الوظيفي؟