النزاعات حول المرافق المشتركة في العقارات السكنية | السلامه للمحاماة
4 مايو 2025

النزاعات حول المرافق المشتركة في العقارات المشتركة مثل الوحدات السكنية

يوجد تقرير صادر عن شركة نايت فرانك أنه خلال النصف الأول من العام 2024 ارتفع إجمالي عدد الصفقات العقارية، وأن هناك نمواً في الطلب على الشقق السكنية، كما سبق أن أظهرت أرقام وزارة العدل السعودية نمو في عدد القضايا حول الشقق السكنية، تتعلق بإدارة العقارات المشتركة، أبرزها النزاعات حول الأجزاء المشتركة مثل الحدائق المواقف وغرف الحراس والخزانات، هذه النزاعات غالبًا ما تُثار نتيجة غياب التنظيم الواضح أو ضعف التوثيق الرسمي لتخصيص المرافق المشتركة.

رغم أن نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها وإدارتها قد وضع إطارًا تنظيميًا للتعامل مع هذه الأجزاء المشتركة، إلا أن بعض النزاعات تبقى قائمة نتيجة الفهم الخاطئ أو استغلال بعض الأطراف للثغرات في النظام أو القصور في التطبيق. في هذا المقال نوضح النزاعات حول المرافق المشتركة في العقارات المشتركة مثل الوحدات السكنية من خلال عرض نزاعًا عمليًا بين اثنين من الملاك حول موقف سيارة وغرفة حارس، ونحلله وفقًا للنصوص القانونية.

 

اولاً:- مفهوم الملكية المشتركة.

الملكية المشتركة هي في الأصل قائمة على تقسيم العقارات إلى طبقات أو شقق أو محلات متعددة مملوكة لأشخاص مختلفين ومقسمة إلى أجزاء ، ويضم كل منها جزءًا مفرزاً وحصة في الأجزاء المشتركة ، وتنص المادة الأولى من نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها وإدارتها على تعريف الأجزاء المشتركة بأنها:( أجزاء من العقار المشترك أو المجمع العقاري معدة للاستعمال المشترك، أو التي تقتضي طبيعتها اشتراك ملكيتها بين ملاك الوحدات العقارية المفرزة، وتشمل الأرض، المداخل، الممرات، المواقف، الخزانات، القنوات، الخدمات، المصاعد، ونحوها”. بناءً على هذا النص، فإن المواقف تُعد جزءًا مشاعًا بين جميع الملاك ما لم يُنص على تخصيصها لأحد الملاك في صك الملكية، أو من خلال اتحاد الملاك. أي مطالبة فردية بملكية موقف معين دون سند نظامي موثق تُعتبر غير منتجة قانونيًا.) 

ونصت ذات المادة على تعريف العقار المشترك بأنه العقار المشترك بأنه ( عقار مكون من وحدات عقارية مفرزة وأجزاء مشتركة.)

كما أنه باستقراء صكوك الملكية التي تصدر لمثل هذه الوحدات نجد أنه يشير إلى حدود الملكية الخاصة، ويشير إلى نسبة التملك على الشيوع من الأرض والأجزاء المشتركة، وعليه لا يمكن لأحد أن يحتج بملكية جزء مشترك دون سند نظامي.

 

ثانيًا:- أحكام الملكية في العقارات المشتركة.

لقد أوجب النظام في المادة الخامسة منه أنه يجب على الشركاء عند بناء عقار مشترك تضمين عقد الشراكة أسماء أصحاب الحصص العينية وأصحاب الحصص النقدية، وأوصاف الأرض المعدة للبناء، ورقم صك الملكية وتاريخه ومصدره، والتزامات الشركاء وحقوقهم.

وألزم في المادة السادسة منه على أنه يقع على المالك التزام بالإفصاح وبيان لمن يرغب في شراء وحدته العقارية المفرزة عن جميع المعلومات الخاصة بمواصفاتها وملاحقها، وجميع حقوقه والتزاماته المرتبطة بها، وأن يضمِّن البيان وصفاً كافياً للعقار المشترك، ومحتوياته وإدارته وتنظيم ملكيته، ويجب إشعار الراغب في الشراء بأي تغيير قد يطرأ على تلك المعلومات قبل إبرام عقد البيع. وتعد هذه المعلومات جزءاً لا يتجزأ من عقد البيع. وتحدد اللائحة الأحكام الخاصة بذلك.

وفي حال لم يشتمل بيان الإفصاح على المعلومات الواجب الإفصاح عنها تلك ، فللمشتري الحق في فسخ عقد البيع خلال (ثلاثين) يوماً تبدأ من تاريخ توقيعه، أو من تاريخ العلم بتلك المعلومات إذا كانت جوهرية وترتب على إخفائها إلحاق ضرر به أو عدم صلاحية الوحدة العقارية المفرزة للانتفاع بها في الغرض الذي اشتريت من أجله. ولا يتحمل المشتري أي تكاليف ناشئة عن فسخ العقد.

 

ثالثًا: تحليل النزاع – بين حجية صك الملكية وضعف خطاب المطور.

في إحدى القضايا، استند المدعي إلى خطاب صادر من المطور يزعم أنه يثبت ملكيته لغرفة الحارس، في المقابل، دفع المدعى عليه بأن صك ملكية المدعي يخلو من أي نص يُخصص له أي مرفق بشكل منفرد، بل أشار بوضوح إلى أن هذه المرافق تُعد من الأجزاء المشتركة، ولذلك فإن خطاب المطور يفتقر إلى الحجية النظامية

المقرر شرعا وفق مجمع الفقه الإسلامي بأن المواقف وما شابهها من حقوق الارتفاق المعاصرة، وعليه فإنها تحترم وان الأسبق إليها أولى باستخدامها لا تملكها، شريطة عدم الإضرار بالآخرين.

 

رابعًا: أثر غياب اتحاد الملاك على النزاع

لو كان هناك اتحاد ملاك فعّال في هذا المجمع السكني، لما نشأ هذا النزاع؛ إذ يختص الاتحاد بوضع لوائح واضحة لتنظيم استخدام المرافق المشتركة وتخصيصها بشكل عادل، وغياب الاتحاد يفتح الباب أمام الاجتهادات الشخصية والاتفاقات الشفوية التي تفتقر إلى القوة القانونية.

في مقالنا السابق حول دور جمعيات الملاك في الاستثمار، ناقشنا بالتفصيل أهمية تأسيس اتحاد ملاك في المجمعات السكنية ودوره في حماية الاستثمارات العقارية، يمكنك العودة إلى هذا المقال لمعرفة المزيد حول كيفية التحقق من وضع الجمعية قبل شراء العقار.

يهمك ايضا : قضايا شقق التمليك

 

خامسًا: دروس مستفادة وتوصيات

         ١. ضرورة الالتزام بالتوثيق الرسمي : 

يجب أن ينص صك الملكية أو لوائح اتحاد الملاك على أي تخصيص للأجزاء المشتركة لضمان حماية حقوق جميع الأطراف، ويجب قبل التملك التحقق من حدود الملكية التي ستدون في الصك، بالإضافة إلى الاطلاع على لائحة تنظيم جمعية اتحاد الملاك القائمة للعقار، فمن خبرتنا العملية نؤكد أن غياب التوثيق الواضح يؤدي إلى تضخم النزاعات الصغيرة وتحولها إلى قضايا معقدة يصعب حسمها، خاصة في العقارات ذات الطبيعة المختلطة (تجارية وسكنية وإدارية).

          ٢. تفعيل دور اتحاد الملاك :

من الطبيعي أن يقل دور اتحاد الملاك في العقارات البسيطة مثل الدعوى التي أشرنا لها، لكن كل ما زاد حجم العقار وتعقيده وتنوعه زادت الحاجة إلى نظام مفصل ومعد بخبرة وعدم الاكتفاء بالنموذج الاسترشادي، فمثلا في إحدى المجمعات السكنية المكونة من عدة عقارات كانت من المسائل الشائكة خدمات الطرق داخل المجمع والحدائق على طرف الطريق، وما يتعلق بتكلفة صيانتها ورعايتها، والتي تكلف سنويا مبالغ ضخمة وتؤثر في رسوم الاشتراك، أو مسألة الرسوم للوحدات غير المستغلة بالبناء، عملنا على مثل القضايا المعقدة يظهر بجلاء أن غياب اتحاد ملاك فعال يؤدي إلى أضرار كبيرة في العقار، ويُضعف من استدامة العقار. لذلك، نوصي الملاك بالإسراع في تأسيس اتحاد ملاك وتفعيل دوره، خصوصًا في الأبراج والمجمعات الكبيرة ذات الأجزاء المشتركة المعقدة، لضمان إدارة واضحة وعادلة للجميع.

          ٣. الالتزام بمبدأ حسن الجوار : 

عند نشوء نزاعات مشابهة، نوصي لمحاولة حلها عبر التسويات الودية، ما أمكن ذلك، إذ نرى أن الحلول الودية التي تراعي مصلحة الجميع هي الأكثر فاعلية، مع ضمان تسجيل هذه التسويات في محاضر معتمدة من اتحاد الملاك لضمان استقرارها مستقبلاً، مع التأكيد على أن القضاء قادر على تحديد حقوق الأطراف بشكل واضح وفق النظام.

          ٤. التوعية القانونية :  

من خلال ممارستنا العملية، يظهر أهمية التوعية بأحكام نظام ملكية الوحدات العقارية ولائحته التنفيذية بين الملاك، وأهمية مشاركة الملاك الفعلية في المراقبة والتصويت فالتعامل المبكر مع الأمور يقلل من النزاعات، ويُسهم في الحفاظ على قيمة العقار، لذلك نوصي اتحادات الملاك بالتثقيف المستمر للملاك لضمان الالتزام التام بالنظام وتفادي الخلافات.

نرى أن النزاعات حول المرافق المشتركة وتكاليف صيانتها ومطالبات مقدمي الخدمات للعقار تُعد من أبرز التحديات التي تواجه ملاك الوحدات السكنية في المجمعات المشتركة. ورغم وجود نظام واضح ينظم هذه العلاقة، إلا أن غياب التفعيل الجيد والتوثيق الرسمي يؤدي إلى استمرار هذه النزاعات.

بخبرتنا كمحامين متخصصين في قضايا العقارات واتحادات الملاك والمطالبات التي تقام على الجمعيات من مقدمي الخدمات، نؤكد أن الحل يكمن في تأسيس اتحادات ملاك فعالة، وتوثيق جميع الاتفاقات المتعلقة بالمرافق المشتركة في صكوك الملكية أو اللوائح المعتمدة. كما نوصي بتعزيز التوعية القانونية لدى الملاك لضمان بيئة سكنية مستقرة واستثمارات عقارية مستدامة.

 

نحن في مكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية نقدم خدمة الاستشارات القانونية بخصوص الاستشارات القانونية حول بيان وتوضيح أحكام الملكية للعقارات المشتركة و    تقسيم العقارات وإدارة الأملاك العقارية والتنمية العقارية وكل ما يخص مجال العقارات والعمل أمام الهيئة العامة للعقار، حيث يحظى المكتب بخبرة واسعة ، ويوظف فريق العمل هذه الخبرة والمعرفة في تقديم خدمة نوعية ومتكاملة تستهدف مصلحة العميل واستدامة نشاطه، فلا تتردد في التواصل معنا.

 

اقرا أيضا : نقل الملكية العقارية والإجراءات القانونية

شارك على لينكدان

التعليقات

لا توجد تعليقات النزاعات حول المرافق المشتركة في العقارات المشتركة مثل الوحدات السكنية

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *