حل النزاعات الاستثمارية في السعودية: محاكم وتحكيم
28 مايو 2025

حل النزاعات الاستثمارية في السعودية

نص نظام الاستثمار المحدث في المادة العاشرة منه على جواز استخدام الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التي تنشأ نتيجة للاستثمار ، حيث حدد في الفقرة الأولى من المادة أنه يجوز للمستثمر الذي يكون طرفًا في أي نزاع -بما في ذلك المنازعات التي تنشأ مع الجهة المختصة- اللجوء إلى المحكمة المختصة؛ ما لم يتفق أطراف النزاع على غير ذلك، وبينما حدد في الفقرة الثانية أنه يجوز للمستثمرين الاتفاق في شأن تسوية منازعاتهم من خلال الوسائل البديلة لتسوية المنازعات بما في ذلك التحكيم والوساطة والمصالحة.

 بالتالي يكون المنظم السعودي جعل للمستثمر الحق في اللجوء إلى المحكمة المختصة بالنزاع أو الحق في الاتفاق على استخدام وسائل أخري كالتحكيم والوساطة والمصالحة، وخلال هذا المقال سيوضح مكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية طرق حل النزاعات الاستثمارية في السعودية.

حل النزاعات الاستثمارية عن طريق المحكمة

نصت الفقرة الأولى من المادة العاشرة من نظام الاستثمار المحدث أنه يجوز للمستثمر الذي يكون طرفًا في أي نزاع -بما في ذلك المنازعات التي تنشأ مع الجهة المختصة- اللجوء إلى المحكمة المختصة ما لم يتفق أطراف النزاع على غير ذلك.

تكون المحكمة المختصة بالنزاعات التي تنشأ عن العقود الاستثمارية هي المحكمة التجارية ، حيث نصت المادة (16) من نظام المحاكم التجارية لعام 1441 هجريًا على : 

تختص المحكمة بالنظر في الآتي:

  1. المنازعات التي تنشأ بين التجار بسبب أعمالهم التجارية الأصلية أو التبعية.
  2. الدعاوى المقامة على التاجر في منازعات العقود التجارية، متى كانت قيمة المطالبة الأصلية في الدعوى تزيد على مائة ألف ريال، وللمجلس عند الاقتضاء زيادة هذه القيمة. 
  3. المنازعات التي تنشأ عن عقود المشاركة المنصوص عليها في نظام المعاملات المدنية 
  4. الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق أحكام نظام الشركات.
  5. الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق أحكام نظام الإفلاس.
  6. الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق أنظمة الملكية الفكرية.
  7. الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق الأنظمة التجارية الأخرى.
  8. الدعاوى والطلبات المتعلقة بالحارس القضائي والأمين والمصفي والخبير المعينين ونحوهم؛ متى كان النزاع متعلقاً بدعوى تختص بنظرها المحكمة.
  9. دعاوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن دعوى سبق نظرها من المحكمة. 

في حال عدم اختيار الأطراف لمكان المحكمة المختصة أو لم يرد نص خاص في أي قانون سعودي فأنه يتم اختيار المحكمة طبقًا لأربع حالات نصت عليها المادة (17) من النظام :

  1. يكون الاختصاص المكاني للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مكان إقامة المدعى عليه.
  2. إن لم يكن للمدعي عليه مكان إقامة في المملكة فيكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مكان إقامة المدعي.
  3. يجوز أن تقام الدعوى في المحكمة التي أبرم العقد أو نفذ أو كان واجب التنفيذ في نطاقها.
  4. في الدعاوى المتعلقة بالشركات، يكون الاختصاص المكاني للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المقر الرئيس للشركة، سواء كانت الدعوى على الشركة، أو من الشركة على أحد الشركاء، أو من شريك على آخر، أو على مديريها أو أعضاء مجلس إدارتها. ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها فرع الشركة في المنازعات الناشئة من التعاقد مع ذلك الفرع.

 

يهمك أيضا : صيغة عقود الاستثمار

حل النزاعات الاستثمارية عن طريق التحكيم

يعرف حل النزاعات الاستثمارية بواسطة التحكيم هو تسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات بأنه ضمانة إجرائية لحسم منازعات الاستثمار وطريق استثنائي يلجأ اليه أطراف عقد الاستثمار بناءً على اتفاقهما المتخذ أما شرطًا يرد ضمن بنود عقد الاستثمار قبل نشوء النزاع أو مشارطة التحكيم التي تبرم قبل أو بعد نشوء النزاع وذلك بهدف حل نزاعتهم بعيدًا عن المماطلة بحكم ملزم ونهائي يقطع دابر الخصومة.

يعد القانون المطبق في السعودية على المنازعات الاستثمارية التي تحل بالتحكيم هو نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/34) بتاريخ 24/5/1433 هجريًا، حيث إذا جري التحكيم في المملكة أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجرى في الخارج، واتفق طرفاه على إخضاعه لأحكام هذا النظام ، ويتخذ اتفاق التحكيم الذي يتم بين الدولة والمستثمر أو بين المستثمرين وبعضهم البعض- طبقًا لهذا النظام-  ثلاث صور كالتالي:-

 

اولاً:- شرط التحكيم.

هو الصورة الأولى لاتفاق التحكيم ، حيث يعد عبارة عن اتفاق سابق بين طرفين على أن ما ينشأ بينهم من نزاع يفصل فيه بواسطة التحكيم ، ويرد الشرط عادة في العقد الأصلي للاستثمار الذي يعد مصدر الرابطة القانونية ، فيتفق الطرفان على أن ما ينشأ من نزاع في تفسير العقد أو حول تنفيذه يفصل فيه بواسطة التحكيم.

نص نظام التحكيم السعودي على شرط التحكيم في المادة التاسعة الفقرة الأولى بانه ( يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقاً على قيام النزاع سواء أكان مستقلاً بذاته، أم ورد في عقد معين.) واشترط في الفقرة الثانية من ذات المادة أنه ( يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً، وإلا كان باطلاً.)

 

ثانيًا مشارطة التحكيم.

هي عبارة عن اتفاق تحكيمي مستقل ،يوقعه الأطراف عند نشوء النزاع حول العقد الأصلي أو تفسيره ، ويكون الاتفاق مكتوبًا وموقعًا من الأطراف أو وكلائهم ، ويجوز أن تكون المشارطة لاحقًا لقيام النزاع ، ولكن يجب أن تحتوى على تحديد العقد الموضوعي أو الرابطة محل النزاع وتحديد نوع النزاع وأطرافه وطريقة تشكيل هيئة التحكيم وعدد المحكمين ومكان التحكيم ولغة التحكيم والقانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم، فمشارطة التحكيم أقرب الى عريضة الدعوى لأنها تتم بعد نشوء النزاع بين الأطراف.

نص نظام التحكيم السعودي في المادة التاسعة الفقرة الأولى على مشارطة التحكيم 🙁 كما يجوز أن يكون اتفاق التحكيم لاحقاً لقيام النزاع، وإن كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام المحكمة المختصة، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم، وإلا كان الاتفاق باطلاً.)

وبالتالي فأن نظام التحكيم حدد أنه يجب أن تشتمل مشارطة التحكيم على المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً.

 

ثالثًا:- شرط التحكيم بالإحالة.

يعد شرط التحكيم بالإحالة من الصور الحديثة لاتفاق التحكيم ، والهدف من هذا الشرط تكمن في أن العقد الأصلي المبرم بين أطراف النزاع لم يتضمن شرطًا صريحًا للتحكيم ، بل اتفق بالإشارة أو بالإحالة إلى عقد سابق بين أطراف النزاع ، أو الإحالة إلى وثيقة نموذجية أو اتفاقية دولية، لتحمل النقص أو لسد الثغرات التي تعتري العقد ، بحيث يكون العقد المحال إليه يتضمن بنوده بندًا يقضي بتسوية المنازعات التي تنشأ بين الأطراف بواسطة التحكيم، وفي تلك الحالة ينعكس أثر هذا الشرط على العقد الأصلي ويصبح ملزم لأطراف النزاع بحيث تتم تسوية المنازعات الناشئة عن العقد بالإحالة من خلال التحكيم.

نص نظام التحكيم السعودي على شرط التحكيم بالإحالة في المادة التاسعة الفقرة الثالثة(…وتعد الإشارة في عقد ما، أو الإحالة فيه إلى مستند يشتمل على شرط للتحكيم، بمثابة اتفاق تحكيم. كما يُعدّ في حكم اتفاق التحكيم المكتوب كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجي، أو اتفاقية دولية، أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد.)

 

آثار الاتفاق على التحكيم بين الأطراف في المنازعات الاستثمارية:-

  1. الأطراف ملزمون باتفاق التحكيم في حال نشوء نزاع بينهم ، ولا يجوز اللجوء إلى القضاء أو الوساطة إلا بموافقة جميع الأطراف ، وفي حال لجوء أحد الأطراف إلى القضاء فيحق للطرف الآخر الدفع بوجود اتفاق التحكيم ، وفي تلك الحالة طبقًا لنص المادة (11) من النظام( فإنه يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد في شأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى.)
  2. الاتفاق على التحكيم بعد اللجوء للقضاء ، ففي تلك الحالة نص نظام التحكيم السعودي على إلزام الأطراف الذين اتفقوا على التحكيم وجوب أن يحل النزاع الواقع بينهم بالتحكيم ، حتى وأن كان الاتفاق أثناء نظر الدعوى في المحكمة وهذا في المادة (12) ( … إذا تم الاتفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع أمام المحكمة المختصة، وجب عليها أن تقرر إحالة النزاع إلى التحكيم.) 

 

أسئلة هامة:

هل يجوز للجهات الحكومية التي تنشئ عقود استثمارية الاتفاق على التحكيم؟

للإجابة على هذا السؤال نعود الى نص المادة العاشرة الفقرة الثانية من نظام التحكيم حيث وضعت استثناء على أنه لا يجوز للجهات الحكومية الاتفاق على التحكيم إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ما لم يرد نص نظامي خاص يجيز ذلك.

ويعض الأنظمة السعودية أعطت الجهة الحكومية الحق- استثناء- في الاتفاق على التحكيم مباشرة بدون أخذ الموافقة المسابقة من رئيس مجلس الوزراء ، ومنها نظام الاستثمار التعديني السعودي لعام 1441 هجريًا والذي نص في المادة (58) منه على ( يجوز الاتفاق على تسوية أي نزاع أو خلاف ينشأ بين أي مرخص له والوزارة عن طريق التحكيم وفقًا لأحكام نظام التحكيم. ولأغراض هذا النظام تعد المحكمة الإدارية هي الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع.)

 

ولكن الاستثناء الحقيقي الذي ورد على شرط التحكيم هو ما تم النص عليه في نظام المنافسات والمشتريات الحكومي السعودي في المادة (92) الفقرة الثانية منها ( للجهة الحكومية -بعد موافقة الوزير- الاتفاق على التحكيم وفق ما توضحه اللائحة.) ولقد حددت اللائحة في المادة (154) منها شروط اللجوء للتحكيم كالتالي:-

  1. أن يقتصر التحكيم على العقود التي تتجاوز قيمتها التقديرية ( مائة مليون) ريال ، ويجوز للوزير تعديل هذا الحد وفق ما يراه مناسبًا.
  2. أن يتم تطبيق أنظمة المملكة العربية السعودية على موضوع المنازعة، ولا يجوز قبول التحكيم لدى هيئات تحكيم دولية خارج المملكة وتطبيق إجراءاتها إلا في العقود مع الأشخاص الأجانب.
  3. أن ينص على التحكيم وشروطه في وثائق العقد.

 

 في ضوء ما يوفره نظام الاستثمار المحدث من مرونة وتعدد في وسائل تسوية المنازعات الاستثمارية، يبرز دور مكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية كجهة قانونية متخصصة ذات خبرة عميقة في إدارة وتسوية النزاعات الاستثمارية، سواء من خلال التحكيم المؤسسي أمام مراكز مثل مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أو عبر التوفيق والمصالحة ضمن الأطر النظامية السعودية. يتمتع المكتب بفريق من المحامين والمستشارين القانونيين المؤهلين محليًا ودوليًا، ممن لديهم سجل حافل في تمثيل المستثمرين الأجانب والمحليين أمام الهيئات القضائية والبديلة، بما يشمل صياغة اتفاقيات التحكيم، وتمثيل الأطراف في مراحل ما قبل النزاع (pre-dispute consultation)، والمرافعة الكاملة أمام هيئات التحكيم. 

 

أقرا أيضا : العقود الاستثمارية في النظام السعودي 2025

شارك على لينكدان

التعليقات

لا توجد تعليقات حل النزاعات الاستثمارية في السعودية

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *