المحكمة المختصة بنظر قضايا براءات الاختراع

المحكمة المختصة بنظر قضايا براءات الاختراع

إن التقدم والرفاهية الذي وصلت اليه الحضارة البشرية اليوم هو نتيجة للفكر الإنساني المبذول على مدار قرون طويلة لأجل سد متطلبات البشرية في جميع المجالات ، وثمرة الفكر الإنساني تتوصل إلى اختراع لسد حاجة من حاجاته ، حيث أن سبب وجود الاختراع هو استخدامه ، ولهذا نجد أن الابتكارات والاختراعات هي البنية الأساسية للتنمية والتطور ومقياس ثراء الدول وتقدمها ، ولذلك إن الدول المتقدمة تحتل المرتبة الأولى بكثرة الاختراعات المبتكرة لديها ، وتفوقها في تلك الجزئية ، ولهذا أصدرت تلك الدول القوانين لأجل حماية حقوق الملكية الفكرية لاختراعها وتلك الدول من سعت إلى سن الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية ( التربس TRIPS) و معاهدة التعاون بشأن البراءات (PCT) لحماية مودعي الطلبات على الحصول على حماية اختراعاتهم بموجب براءة على الصعيد الدولي لأجل فرض الحماية الدولية للاختراعات المنسوبة اليها ، ولقد قامت العديد من الدول بذلك ، فدول مجلس التعاون الخليجي أصدرت نظام براءات الاختراع لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/28) بتاريخ 10/6/1422 هجرياً ، ولقد أصدرت المملكة العربية السعودية بعد ذلك نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/27) بتاريخ 29/5/1425 هجرياً ولقد هدفت بهذا النظام إلى توفير الحماية الكاملة – داخل المملكة – للاختراعات، والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، والأصناف النباتية، والنماذج الصناعية.

ونتيجة للعديد من القضايا التي تنشأ حول الاختلاف على براءات الاختراع وملكيتها الفكرية أو حمايتها من التعدي عليها وانتهاكها، يختلط على المدعيين نوع المحكمة التي يجب اللجوء إليها فيما يخص قضايا براءات الاختراع، وخلال هذا المقال سيتم توضيح المحكمة المختصة بنظر قضايا براءات الاختراع.

اولاً: – مفهوم براءات الاختراع

لقد عرف الفقه القانوني براءات الاختراع بإنها عبارة عن صك بين المخترع والسلطة العامة يمثل حق المخترع بوصفه إنتاجاً ذهنياً وثمرة تفكيره وابداعه، وتوفر له السلطة حماية استثنائية لمدة محدودة من الزمن لابتكاره.

عرف نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية في المادة الأولى منه الاختراع بإنه فكرة يتوصل إليها المخترع، وينتج عنها حل مشكلة معينة في مجال التقنية.

وعرف وثيقة الحماية بإنها عبارة عن الوثيقة التي تمنحها الهيئة السعودية للملكية الفكرية لموضوع من موضوعات الحماية، وهي إما أن تكون براءة اختراع، أو شهادة تصميم، أو براءة نباتية، أو شهادة نموذج صناعي.

وبالتالي نجد أن براءة الاختراع هي بالأساس ما تعترف به الدولة وتمنح به وثيقة للمخترع لحماية اختراع واستغلاله معنوياً ومادياً.

ثانياً: – الخصائص القانونية لبراءة الاختراع

تتمتع براءة الاختراع بخصائص قانونية مميزة وهي كالتالي: –

1- البراءة تمنح بقرار إداري من السلطة المختصة

تتولى المملكة بمنح البراءة لصاحبها بموجب قرار إداري منها من خلال منح المخترع وثيقة الحماية طبقاً للنظام، وتلك الوثيقة من تمنحها هي الهيئة السعودية للملكية الفكرية، ولا يجوز لأي جهة أخرى ان تمنحها.

2- البراءة منشئة للحق في الاختراع

ترتب براءة الاختراع للمخترع أثر منشأ لحقه في استغلال اختراعه، وقبل منحه البراءة لا يكون له الحق في منع الاعتداء عليها طالما احتفظ المخترع بسر اختراعه لنفسه فإنه لا يتمتع بحق الملكية عليه، ويمكنه أن يتنازل عنه للغير، وبذلك يكون تنازل عن الحق في طلب البراءة وسر الاختراع، ولكن منذ أن يحصل المخترع على وثيقة الحماية لاختراعه فمن هنا تبدأ الحماية للاختراع وتنشأ الحقوق المادية والمعنوية له.

3- الحق في البراءة حق مؤقت

يقصد بالحق في البراءة حق مؤقت هو إن المنظم السعودي وضع فترة قانونية لحماية براءات الاختراع حيث نص في المادة (19) الفقرة (أ) من النظام على إنه مدة حماية براءة الاختراع عشرون سنة من تاريخ إيداع الطلب، وبالتالي بعد انتهاء تلك المدة أصبح للجميع حق الاستفادة من براءة الاختراع.

ماذا يحدث لو توفي المخترع قبل أن تنتهي مدة حماية براءة الاختراع وهي (عشرون عاماً)؟

للإجابة على هذا السؤال نعود الى نص المادة الخامسة الفقرة (أ) من النظام التي نصت على إنه تكون وثيقة الحماية حقًّا خاصًّا لمن صدرت باسمه، وينتقل هذا الحق بالميراث، كما ينتقل بعوض أو بغير عوض.

وبالتالي في حال وفاة المخترع بعد صدور وثيقة الحماية لاختراعه باسمه ولم تنته مدة حماية الاختراع بعد فإن هذا الحق ينتفل إلى الورثة ويصبح لهم الحقوق المالية والمعنوية على براءة اختراع موروثهم.

4- البراءة منشئة لحقوق معنوية للمخترع

الحق في براءة الاختراع مثله مثل سائر حقوق الملكية الفكرية الأخرى فهو يوفر للمخترع الحقوق المعنوية لاختراعه أي الحق على الشيء المعنوي المتمثل في الفكرة الإبداعية ذات القيمة المالية والاقتصادية التي تمكن صاحبه من احتكار استغلالها مادياً.

ثالثاً: – المحكمة المختصة بنظر قضايا براءات الاختراع ؟

بتاريخ 6/3/1441 هجرياً صدر قرار المجلس الأعلى للقضاء رقم (558/15/41) والذي تضمن الموافقة على (الوثيقة المنظمة لنقل اختصاص نظر الدعاوى المدنية والجزائية بلجنة النظر في مخالفات نظام حماية حقوق المؤلف، ولجنة الفصل في دعاوى براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية) والتي تضمنت ما يلي:

1- نقل اختصاص نظر الدعاوى المدنية والجزائية الناشئة عن تطبيق نظام حماية حقوق المؤلف ونظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية إلى القضاء العام اعتبارًا من تاريخ 1/6/1441 هجرياً.

2- يكون نظر هذه القضايا من الدوائر التجارية المؤلفة من ثلاثة قضاة في المحاكم التجارية والمحاكم العامة.

3- تستمر لجنة النظر في مخالفات نظام حماية حقوق المؤلف، ولجنة الفصل في دعاوى براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية بإنهاء القضايا المقيدة لديها قبل التاريخ المشار إليه في البند (اولا) وما يتبعها من اعتراض او التماس.

وثم بعد هذا القرار صدر تعميم لجميع المحاكم في المملكة العربية السعودية رقم (1418/ت) بتاريخ 21/5/1442 هجرياً ، أشير إلى ما قرره هذا القرار السابق ذكره وأكد على الموافقة على التالي ( يقتصر توزيع الدعاوى المدنية والجزائية الناشئة عن تطبيق نظام حماية حقوق المؤلف ونظام براءات الاختراع؛ والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية المتعلقة بالمنازعات المتفرعة عن تطبيق أنظمة الملكية الفكرية على دائرة أو أكثر من الدوائر المختصة بالمحكمة التجارية ومحكمة الاستئناف، ويصدر بتعيينها قرار من رئيس المحكمة، وتحتسب لها إحالة ولا يمنع ذلك من إكمال نصاب الدائرة من القضايا الأخرى ، ولرئيس المحكمة الرفع للمجلس بطلب وقف إحالة القضايا الأخرى للدائرة كلياً أو جزئياً متى ما ظهر ما يوجب ذلك).

إذن بعد صدور تلك التعاميم أصبحت الدوائر التجارية في المحاكم التجارية والعامة هي المختصة بنظر قضايا براءات الاختراع، حتى صدر نظام المحاكم التجارية الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (511) بتاريخ 14/8/1441 هجرياً ونص صراحة في المادة السادسة عشر الفقرة (6) منها على (الدعاوى والمخالفات الناشئة عن تطبيق أنظمة الملكية الفكرية.)

وبالتالي أصبح في الوقت الحالي قضايا براءات الاختراع في المملكة العربية السعودية سواء بشقيها المدني والجزائي هي من قضايا حقوق الملكية الفكرية التي تختص بها المحاكم التجارية.

رابعاً: – لجنة النظر في دعاوى براءات الاختراع

لقد شكلت تلك اللجنة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (60) بتاريخ 18/1/1444 هجرياً من خمسة أعضاء، ثلاثة من النظاميين، وعضوين من الفنيين.
وتختص اللجنة بالنظر في جميع المنازعات والطعون في القرارات الصادرة بشأن وثائق الحماية، وتشمل الآتي: –

1- التظلم من قرار رفض منح وثيقة حماية.
2- إبطال وثائق الحماية.
3- تحويل ملكية طلب الحماية أو وثيقة الحماية.
4- الطعن في قرارات إسقاط وثائق الحماية

تعرف على: خدمات الملكية الفكرية في مكتب السلامة للمحاماة 

تعد قضايا براءات الاختراع بجميع أنواعها من أكثر القضايا المعقدة في المملكة حيث لابد من الاستعانة بمحامي خبير لأجل ان يقوم بتقديم طلب النظر في دعاوى براءات الاختراع امام اللجنة المختصة، وايضاً على خبرة ومعرفة قانونية في حال التظلم من قرار اللجنة امام المحكمة التجارية المختصة بهذا النوع من التظلمات، ونحن في مكتب السلامة للمحاماة، نسعى لتقديم استشارات قانونية متخصصة ودعم كامل لعملائنا في جميع خطوات دعاوي براءات الاختراع. دعنا نساعدك في حماية استثمارك وتعزيز مكانتك في السوق. تواصل معنا اليوم للحصول على مشورة قانونية مخصصة.