هل يملك القاضي سلطة إجبار الورثة على بيع عقارات التركة
19 مايو 2025

هل يملك القاضي سلطة إجبار الورثة على بيع عقارات التركة ؟

تزداد الخلافات بين الورثة حول مصير عقارات التركة، خاصة عندما يصر بعضهم على البيع بينما يعارض آخرون ذلك بشدة. ففي حال رفع أحد الورثة دعوى قسمة إجبارية للمطالبة ببيع العقارات وتقسيم الثمن، بينما يرفض الباقون ويتمسكون بالاحتفاظ بها، إلى أي مدى تصل سلطة القاضي في هذه الحالة؟

هل يمكنه إجبار الورثة على البيع رغم معارضة بعضهم؟ أم أن القانون يمنحه خيارات أخرى مثل تقسيم العقار أو تسليم الحصص عينًا دون اللجوء إلى البيع؟

في هذا المقال، سنكشف الحدود الحقيقية لسلطة القاضي في قضايا قسمة التركة العقارية، ونوضح العوامل التي تحدد قراره بين الإجبار على البيع أو الاكتفاء بتسليم الأنصبة دون تصفية العقارات.

 

هل يملك القاضي سلطة إجبار الورثة على بيع عقارات التركة بناءً على طلب المدعي، أم يمكن تسليم المدعي مقدار حصته؟

الإجابة: إن هذه الحالة لا تخرج عن صورتين فقط وهي كما يلي:

الصورة الأولى: في حال الاتفاق بين الورثة

إذا اتفق الورثة على تثمين حصة المدعي ودفعها نقدًا دون اللجوء إلى البيع بالمزاد العلني، فإن هذا الاتفاق يكون جائزًا استنادًا إلى المادة الثالثة من لائحة قسمة الأموال المشتركة الصادرة في ١٩ جمادى الأول ١٤٣٩ه، والتي نصت على (للشركاء كاملي الأهلية أن يقتسموا المال المشترك بالطريقة التي يتفقون عليها بما لا يخالف الشريعة والأنظمة، ثم يقدم الاتفاق للجهة المختصة لتوثيقه.).

تطبيق عملي:

في إحدى السوابق القضائية، اتُّفِقَ بين الورثة على قسمة المال بالتراضي، بوساطة القاضي، ثم اعتمد هذا الاتفاق، وُوَثِّقَ بعد إجراء التثمين من قبل الخبراء، وُوُزِّعَت الحصص بناءً على ما اتُّفِقَ عليه، والجدير بالذكر أنه إذا كان الاتفاق دون اللجوء إلى القضاء، فيُحرَّر اتفاقاً بذلك، ويُثبَت لدى كتابة العدل.

 

الصورة الثانية: في حال عدم الاتفاق بين الورثة

 

أولًا: الأساس النظامي للقسمة وفق لائحة قسمة الأموال المشتركة ونظام المعاملات المدنية.

وفقًا للائحة قسمة الأموال المشتركة، فإن القاعدة الأساسية عند وجود نزاع بين الشركاء حول قسمة المال المشترك هي إجراء القسمة العينية إذا كانت ممكنة، واللجوء إلى البيع بالمزاد العلني فقط في حال تعذر القسمة العينية، وهذا طبقًا لنص المادة الثالثة من لائحة قسمة الأموال المشترك (للشركاء كاملي الأهلية أن يقتسموا المال المشترك بالطريقة التي يتفقون عليها بما لا يخالف الشريعة والأنظمة.)

بينما نصت المادة 628 من نظام المعاملات المدنية في فقرتها الأولى على: (إذا طلب أحد الشركاء قسمة المال الشائع وامتنع الباقون، وكان المال قابلًا للقسمة عينًا، دون أن يترتب على ذلك تعطل الانتفاع به أو نقصٌ كبيرٌ في قيمته قَسَمتْه المحكمة، فإن ترتب على القسمة أيٌّ منهما أمرت المحكمة ببيع المال في المزاد.) ويكون ذلك من خلال المحكمة.

ثانيًا: الإجراءات القانونية عند نزاع الورثة

1- في حال إمكانية القسمة العينية:

إذا تبين أن العقارات قابلة للقسمة العينية بحيث يحصل كل شريك على نصيبه دون إلحاق ضرر كبير ببقية الشركاء، فإن القاضي ملزم بإجراء القسمة العينية، ولا يحق للمدعي المطالبة ببيع العقارات جميعها في المزاد العلني، لأن البيع يُعد حلاً بديل.

2- في حال تعذر القسمة العينية:

إذا ثبت أن العقارات لا يمكن قسمتها عينيًا بسبب طبيعتها أو لوجود ضرر بالغ قد يلحق بالشركاء، فإن القاضي يحكم ببيع العقارات في المزاد العلني وتوزيع قيمة البيع وفقًا لأنصبة الورثة.
وعليه، لا يجوز الحكم قضاءً بتسليم المدعي ثمن حصته، إلا اتفاقًا، وفي سوابق متعددة حرصت المحكمة على حث الأطراف على تثمين الحصة وتسليمها إلى المدعي اتفاقًا.

ثالثًا: الدفع برفض طلب المدعي لبيع العقارات

لذلك نوصي المدعى عليهم الدفع برفض طلب المدعي ببيع العقارات مباشرةً، استنادًا إلى نصوص اللائحة ونظام المعاملات المدنية التي تُلزم القاضي بالتحقق أولًا من إمكانية القسمة العينية، فإن كانت قابلة للقسمة العينية، فإن طلب المدعي ببيعها حريٌّ بالرد؛ لأنه يتعارض مع الإجراءات النظامية المنصوص عليها في لائحة قسمة الأموال المشتركة.
ونوصي دائمًا بوجود المحامي الخبير في الدعاوى العقارية المتمكن في تقديم الرد الملائم لمثل هذه الدعاوى.

رابعًا: الاستناد إلى نظام المرافعات الشرعية

ومن المعلوم أنه يحق للمدعى عليهم تقديم أي طلب عارض يؤدي إلى عدم الحكم للمدعي وفقًا للمادة (84) من نظام المرافعات الشرعية، مثل المطالبة بتسليمه ثمن حصته، أو أن العقارات قابلة للقسمة العينية، وهذا الطلب يُعد وجيهًا؛ لأنه يحقق مصلحة مشروعة لبقية الورثة، ويتماشى مع لائحة قسمة الأموال المشتركة.

خامسًا: النتيجة

  1. في حال الاتفاق بين الورثة: تُقسم العقارات بالتراضي بعد تثمين حصة المدعي ودفعها نقدًا، وتنقل حصته لمن دفع الثمن، ويُوَثَّق الاتفاق لدى الجهة المختصة.
  2. في حال عدم الاتفاق بين الورثة: إذا كانت العقارات قابلة للقسمة العينية، فإن القاضي يرفض طلب المدعي ببيع العقارات، ويأمر بإجراء القسمة العينية.
  3. إذا تعذرت القسمة العينية: فإن القاضي يحكم ببيع العقارات بالمزاد العلني وتوزيع العائد وفقًا لأنصبة الورثة.

اقرأ ايضا: طرق نقل الملكية العقارية

 

الخلاصة:

طلب المدعي ببيع العقارات مباشرةً لا يُقبل؛ لأنه سابق لأوانه، إلا إذا تعذرت القسمة العينية.

 

لمزيد من التفاصيل برجاء التواصل معنا من خلال:
واتس اب

966533336845+

الجوال

966533336845+

شارك على لينكدان

التعليقات

لا توجد تعليقات هل يملك القاضي سلطة إجبار الورثة على بيع عقارات التركة ؟

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *