فسخ عقد إيجار برج سمارت تاور
صدر الحكم الابتدائي من الدائرة المختصة بنظر الدعاوى الكبيرة الثانية لدى المحكمة العامة بالرياض لصالح صندوق دارية ريت بفسخ عقد الإيجار الإلكتروني المبرم مع شركة الثمرة الحديثة لعقار سمارت تاور الواقع في مدينة الرياض، وذلك لثبوت تخلفها عن سداد الأجرة اللازمة للعقار وقيمتها (20) مليون ريال سنوياً ، ولقد اطلعنا على إعلان الخبر والذي يمثل حالة واقعية تكشف أهمية التوازن بين حماية التدفقات النقدية واحترام المبادئ العقدية، وهي في ذات الوقت فرصة نادرة لتأمل ما يُفترض أن يحصل قبل الأزمة لا بعدها.
ما الذي حدث؟
استحوذ صندوق دراية ريت على برج مكتبي استراتيجي في حي العليا بالرياض من المسـتأجر، وأصبح يمثل نحو 17٪ من وزن محفظة الصندوق، ومما اهتم له الصندوق في حينه أنه مؤجر بقيمة 20 مليون ريال سنويًا، ولمدة 10 سنوات.
إلا أن المستأجر تخلف عن السداد لسنتين، كما رفع دعوى لإبطال عقد شراء العقار. وقد حكم برفض دعوى المستأجر، ثم صدر حكم لاحق بفسخ عقد الإيجار.
كيف نقرأ إدارة الصندوق للأزمة؟
كثير من الممارسات التعاقدية تنظر إلى الفسخ كحل نهائي، ويظهر أن الصندوق تأخر في تفعيل هذه الأداة، ربما مراعاة لحسابات داخلية أو لمحاولة تسوية ودية، ويظهر أنها لم تنجح. لكن بالمقابل، أدى هذا التأخير إلى تراكم المديونية إلى 40 مليون ريال.
قد يكون من الأجدى أن تكون مدة التفاوض أقصر من أن تسمح لتأخير الإجراءات إلى حين دخول الإيجار للسنة التالية. وهنا يبرز دور المستشار القانوني في الإحاطة بالوقت اللازم لنظر الدعوى، والتي – بالمناسبة – استغرقت سبعة أشهر، وهو وقت ممتاز جداً، وكذلك الوقت اللازم للتفاوض والاتفاق عليه مع مدير الصندوق.
لماذا لم يُفعّل شرط الفسخ تلقائيًا بعد أول إخلال؟
قد لا توجد إجابة واضحة حتى الآن، فالدعوى تتعلق بدعوى فسخ، بينما بالنظر إلى عقود الإيجار النموذجية نجد أنها تنص غالبًا على حق الفسخ للطرف المتضرر، ومنها في حال عدم دفع الأجرة. فكان يمكن رفع دعوى إثبات فسخ عوضًا عن دعوى الفسخ. وربما كان من الأجدى للصندوق الحصول على الأجرة المتفق عليها عوضًا عن أجرة المثل لو وقع الفسخ مسبقًا، والتي قد تكون أقل.
التحصيل بعد الفسخ أصعب مما يُظن
حين يصبح الدين 40 مليون ريال، والمستأجر شركة محدودة المسؤولية، لا يعود الفسخ انتصارًا كاملًا، فما زال الجزء الأهم متبقيًا وهو تحصيل المبلغ من المستأجر، والذي قد تخلو خزينته من هذا المبلغ. لذلك، كان من الضروري التحرك قبل تراكم المبلغ.
ويظهر هنا مدى أهمية ربط العقود بضمانات تنفيذية (رهن، كفالة، إفصاح مالي)، وهو ما لم يظهر أثره في هذه القضية. وقد يكون لدى الصندوق هذه الاحتياطات، لكنها لم تظهر.
الرسالة الضمنية: لا يكفي أن تفوز بالدعوى، بل يجب أن تضمن أنك ستقبض نتيجتها.
محاولة فسخ عقد البيع
خسر المستأجر دعوى فسخ البيع، وإن كانت لم تتكشف تفاصيل أسباب رفع الدعوى، إلا أن الشراء دائمًا ما يكون مقرونًا بفحص متكامل وتقييم. كما أن استقرار الملكية لسنوات ودفع الأجرة من قبل المستأجر – وهو المالك السابق بذات الوقت – يجعل مثل هذه الدعوى صعبة جدًا.
وإن كنت متشوقًا لمعرفة الدافع وراء رفع هذه الدعوى.
ختامًا
هذه القضية لم تكن صراعًا على إيجار عقار، بل اختبارًا لعقلية إدارة النزاعات في بيئة استثمارية عالية التنظيم.
من يقرأ ما بين السطور، يُدرك أن النزاعات لا تُحل أمام القاضي فقط، بل تُدار خلف الطاولة، بين المستشارين القانونيين ومديري المخاطر ومديري المحافظ.
والسؤال ليس: من كان على حق؟ بل: من كان يفكر قبل أن تحدث الأزمة؟ ومن كان يكتب عقدًا يفكر بعين المستقبَل؟
تعرف على: خدمات موقع السلامة الخاصة بالعقود