كيف تجنب مستثمر دفع مليون وثمانمائة ريال رسوم أراضي بيضاء؟
الوقائع: أرض، مشروع، ورسوم مفاجئة!
في قلب مدينة جدة، كانت هناك قطعة أرض واسعة يملكها أحد المستثمرين ، لم تكن مجرد أرض فضاء، بل كانت تحمل طموح مشروع تجاري كبير.
بدأ المدعي في خطوات تطويرها، وقدم المعاملات اللازمة لأمانة جدة لاستخراج التراخيص والموافقات ، ولكن، وبينما كانت عجلة المشروع تدور، فوجئ المدعي بقرار من وزارة الإسكان يفرض عليه رسومًا باهظة تصل إلى مليون وثمانمائة ألف ريال سعودي على أرضه. صُدم المدعي، كيف تُفرض هذه الرسوم على أرض تجارية وليست سكنية، وعلى أرض هو بصدد تطويرها؟
دفوع المدعي والمدعي عليه: كل طرف يتمسك بحقه!
لم يستسلم المدعي ( مالك الأرض) فلقد قام بتقديم اعتراض نظامي أمام اللجنة المختصة وثم رفض فتوجه إلى المحكمة الإدارية رافعًا دعوى يطالب فيها بإلغاء قرار وزارة الأسكان المدعي عليها ،وكان دفاعه واضحًا:
- الأرض تجارية وليست سكنية: وهذا يعني أنها لا تدخل ضمن الفئات المستهدفة برسوم الأراضي البيضاء السكنية.
- الأرض ليست فضاء: فهو يعمل على تطويرها ولديه رخصة بناء صادرة بتاريخ 29/11/1438 هـ، أي قبل فرض الرسم من الوزارة بتاريخ 21/7/1439 هـ.
- لا ينبغي فرض الرسم على أرض قيد التطوير: فالهدف من الرسوم هو تحفيز التطوير، وليس معاقبة من يطور أرضه.
من جانبها، دافعت وزارة الإسكان عن قرارها بقوة ، وردت بأن كون الأرض جارٍ العمل على تطويرها واستخراج التصاريح لا يمثل عائقًا عن صدور الرسم، ولا يحول دون تطوير الأرض ، وشددت الوزارة على أن العبرة بتحقق الشروط الواردة في المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء، والتي تتطلب أن تكون الأرض:
شروط المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء
- أرضًا فضاء.
- داخل حدود النطاق العمراني.
- مخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري.
- ضمن فئة الأراضي الخاضعة للرسم.
وأكدت الوزارة أن هذه الشروط تنطبق على أرض المدعي، وأن صدور رخصة البناء لا يُخرج الأرض عن كونها “فضاء” في هذه المرحلة.
حكم المحكمة: انتصار للمدعي!
حكمت المحكمة بإلغاء الرسم المفروض على الأرض، والذي بلغ مليون وثمانمائة ريال وتم تأييد هذا الحكم من محكمة الاستئناف، ليصبح الحكم نهائيًا وباتًا.
الأسباب: تفسير دقيق للائحة!
لم يكن الحكم مفاجئًا، فقد بني على أسباب قوية ومنطقية؛ كالتالي:-
- لاحظت المحكمة أن رخصة البناء التجارية على الأرض صدرت بتاريخ 29/11/1438 هـ، بينما قرار الوزارة بفرض الرسم جاء بتاريخ 21/7/1439 هـ، أي بعد صدور الرخصة.
- استندت المحكمة إلى المادة الأولى من اللائحة التي عرفت “الأرض المطورة” بأنها “الأرض الفضاء التي اعتمد تخطيطها بشكل نهائي من الجهة المختصة”. وأوضحت المحكمة أن الهدف في المرحلة الأولى هو تهيئة الأرض للبناء بإقامة البنية التحتية أو إصدار مخطط نهائي، دون اشتراط وجود بناء سكني فعلي.
- اعتبرت المحكمة أن صدور رخصة البناء يدل على أن الأرض مهيأة للبناء، وأن له أثرًا وحكمًا يشبه اعتماد المخطط بشكل نهائي، حيث يسبق الرخصة اشتراطات وإجراءات تدل على جدية المالك في التطوير.
- استندت المحكمة إلى رد وكيل أمين جدة للتعمير الذي أوضح أن هناك طريقتين للتطوير: إما مخطط تقسيمي، أو إصدار رخصة بناء على كامل المساحة لمشروع متكامل ، وهذا يؤكد أن رخصة البناء دليل على التطوير.
- وجدت المحكمة أن الوزارة فرضت الرسم على كامل الأرض دون استثناء المساحة التي صدرت عليها رخصة بناء تجاري، وهو ما اعتبرته المحكمة غير صحيح قانونيًا.
وبناءً على هذه الأسباب، رأت المحكمة أن قرار الوزارة بفرض الرسم كان غير صحيح ويستوجب الإلغاء.
العبرة القانونية: رخصة البناء دليل على التطوير!
تكمن العبرة القانونية في هذا الحكم في التأكيد على أن صدور رخصة البناء، حتى وإن كانت تجارية، يُعد دليلاً قويًا على أن الأرض ليست “فضاء” بالمعنى المقصود في لائحة رسوم الأراضي البيضاء القديمة في المرحلة الأولى، فتهيئة الأرض للبناء من خلال استخراج التراخيص والإجراءات الرسمية، يُخرجها من نطاق الأراضي المستهدفة بالرسم، وذلك لأنها تدل على نية المالك في تطويرها وليس تركها كأرض بيضاء غير مستغلة.
رأي مكتب السلامه للمحاماة
لقد تم تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء ولائحته التنفيذية مؤخراً، ولكن نص المادة 8 المتعلق بشروط الأرض لم تتغير ، بل أُعيد ترقيمها في اللائحة الجديدة تحت المادة 7 ، مما يعني أن المبدأ الذي استندت إليه المحكمة في هذه القضية لا يزال ساري المفعول ويُمكن الاحتجاج به في قضايا مشابهة.
تُعد رخص البناء والتصاريح الرسمية أدلة قاطعة على حالة الأرض ونية المالك في تطويرها فيجب الاحتفاظ بها وتقديمها عند الحاجة.
ينبغي للملاك والمستثمرين متابعة القرارات الصادرة بحق أملاكهم، وفي حال رغبتك في تقديم اعتراض نظامي، مكتب السلامة حاضر لدعمك.
هل تُفرض عليك رسوم أراضي بيضاء بطريقة غير مبررة؟
قضيتنا أعلاه تثبت أن الانتصاف ممكن. لا تترك قرارًا غير عادل يهدد استثمارك. فريقنا المتخصص في المنازعات الإدارية جاهز لدراسة قضيتك وبناء دفاع قوي يحمي أموالك ويحقق العدالة لك.
اتخذ خطوتك الآن لحماية استثمارك. اتصل بنا لاستشارة أولية.


