كيف تجنب مالك أرض رسوم مائة ألف ريال قانونياً؟
28 أكتوبر 2025

كيف تجنب مالك أرض رسوم مائة ألف ريال قانونياً؟

أقامت المدعية دعوى أمام المحكمة الإدارية بالرياض بتاريخ 21/12/1443هـ ضد وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، تطلب فيها إلغاء القرار الصادر بفرض رسم قدره مائة ألف ريال الأراضي البيضاء على عقارها. 

قدمت المدعية اعتراضها على الرسم استناداً إلى المادة 9 من اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء لعام 1437 ه ، والتي تعفي الأراضي من الرسم في حال وجود مانع أو عائق يحول دون تصرف المالك فيها أو تطويرها، بشرط ألا يكون هو المتسبب في هذا المانع. 

كان المانع محل الدعوى هو خضوع حصتها في الأرض لنزاع قضائي أدى إلى صدور حكم نهائي بتخفيض نسبة ملكيتها وإعادتها إلى وعاء تركة الموروث، فضلاً عن كون الأرض تخضع لإجراءات تصفية قضائية ووجود حصص وقفية فيها.

أسباب المدعية:

استندت المدعية في دفاعها على النقاط التالية:

  1. وجود مانع نظامي: أكدت أن الحكم القضائي الصادر بتهميش الأرض يُعتبر مانعاً من التصرف، حيث إن حصتها أصبحت محل نزاع ويجب إعادتها إلى وعاء التركة، وهو ما يمنعها من التصرف في الأرض.
  2. قيود على التصرف: أوضحت أن وجود أنصبة وقفية في التركة يمنع أي تصرف في الأرض دون إذن قضائي، كما تنص على ذلك المادة 223 من نظام المرافعات الشرعية.
  3. عدم التسبب في المانع: أكدت أنها لم تتسبب في هذا المانع، حيث إن دعوى تصفية التركة مقامة منذ عام 1429 هـ، أي قبل سنوات من صدور نظام رسوم الأراضي البيضاء 1437 ه، وأن تأخر إجراءات التهميش على الصك أمر خارج عن إرادتها.
  4. خطأ في احتساب الرسم: أشارت إلى أن النسبة التي اعتمدتها الوزارة في حساب الرسم غير صحيحة، وتختلف عن النسبة التي أثبتها الحكم القضائي، مما يجعل فرض الرسم باطلاً من الأساس.
  5. المدعية ليست متسببة في المانع، بل إن يدها مغلولة عن التصرف بسبب الإجراءات القضائية.

 

دفوع المدعي عليها ( الوازرة ): 

ردت الوزارة على دعوى المدعية بالنفي، مستندةً على عدة دفوع:

  1. عدم وجود نزاع حقيقي: زعمت أن النزاع ليس حقيقياً ولا يمنع الورثة من التصرف، وأن الدعوى قُيدت بعد فترة طويلة من صدور النظام مما يثير الشك في أنها للتهرب من الرسم.
  2. إمكانية التصرف: أكدت أن الأرض مملوكة بالشيوع ويمكن للورثة التصرف فيها، وأن عدم تصرفهم يمثل موافقة ضمنية على الوضع الراهن.
  3. صحة احتساب الرسم: أفادت بأن الرسم فُرض بناءً على البيانات المثبتة في وثيقة الملكية لدى وزارة العدل، وأن هذه البيانات صحيحة حتى يتم تعديلها رسمياً.
  4. تسبب المالك في المانع: ذكرت أن عدم إكمال الإجراءات والتهميش على الصك يندرج ضمن “تسبب المالك” في المانع، وهو ما يسقط عنه حق الإعفاء من الرسم.
  5. امتناع الورثة أو تفريطهم في تسجيل الوقف أو التخارجات لا يعفيهم من الرسوم، لأن “المفرّط أولى بالخسارة”.
  6. الدعوى لم تُرفع إلا بعد صدور النظام بسنوات طويلة، مما يشير إلى محاولة التهرب من دفع الرسم.

 

الحكم القضائي:

قضت المحكمة بإلغاء الرسم المفروض على الأرض محل الدعوى، وأُيِّد الحكم من محكمة الاستئناف.

 

الأسباب :-

  1. المادة (9/1) من اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء نصت صراحة على استثناء حالتين:
  • وجود مانع يحول دون تصرف المالك، بشرط ألا يكون متسبباً فيه.
  • وجود عائق يحول دون الحصول على التراخيص أو تطوير الأرض، بشرط ألا يكون المالك متسبباً فيه.
  1. الثابت أن الأرض محل الدعوى كانت ضمن التركة محل النزاع القضائي منذ عام 1429هـ، وأنه صدر حكم بتعيين مصفٍّ على التركة، الأمر الذي يمنع الورثة من التصرف أو التطوير حتى انتهاء إجراءات القسمة مما يثبت وجود المانع من التصرف.
  2. المدعية ليست متسببة في المانع، وإنما المانع نتج عن إجراءات قضائية ملزمة، وهو ما ينطبق على الاستثناء الوارد في المادة (9/1).
  3. النسب التي اعتمدتها الجهة الإدارية في احتساب الرسم استندت إلى بيانات غير دقيقة، إذ اختلفت عن النسب التي أثبتها الحكم القضائي النهائي.
  4. المادة (17) من اللائحة التنفيذية أوجبت احتساب الرسم على كل مالك بحسب حصته الصحيحة المثبتة نظاماً، وهو ما لم تلتزم به الجهة المدعى عليها.
  5. لا يصح الاستناد إلى مجرد صدور صك مشاع لإثبات إمكانية التصرف، إذ إن الصك لا ينفي حالة الشيوع ولا يرفع يد القضاء عن التركة.

 

العبرة القانونية :-

  • لا يجوز فرض رسم على المالك إلا إذا كان قادرًا على التصرف في أرضه ولم يكن متسببًا في بقاء المانع أو العائق.
  • البيانات الرسمية في التسجيل العقاري لا تحسم الحقوق إلا بعد صدور الأحكام النهائية، ويجب أن يتطابق فرض الرسم مع الحقيقة القضائية وليس السجلات المؤقتة أو غير المحدثة.
  • وجود نزاع قضائي يحول دون التصرف في الأرض، أو خضوع الأرض للتصفية القضائية مع وجود أوقاف وأحكام قضائية نهائية تعد مانعًا مباشرًا لفرض رسم الأراضي البيضاء.

 

راي مكتب السلامه للمحاماة والاستشارات القانونية: 

لقد تم تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء ولائحته التنفيذية مؤخراً، ولكن نص المادة 9 المتعلق بوجود الموانع لم يتغير، بل أُعيد ترقيمه في اللائحة الجديدة تحت المادة 8 مع إضافة إعفاءات جديدة ، مما يعني أن المبدأ الذي استندت إليه المحكمة في هذه القضية لا يزال ساري المفعول ويُمكن الاحتجاج به في قضايا مشابهة. 

إن هذا الحكم يوفر حجة قوية لأي مالك أرض يواجه نزاعاً قضائياً على ملكيتها أو تصفية لتركة تحول دون تطويرها، حيث إن فرض الرسوم أن يرتكز على القدرة الفعلية على التصرف في الأرض، وأن الإخلال بذلك ينافي مبدأ العدالة القانونية والنظامية.

 

يمكن لمكتب السلامه  تقييم الدعوى وكسبها ضد رسوم الأراضي البيضاء حتى بعد تعديل النظام ولائحته بالارتكاز على ثبات مبدأ الإعفاء لوجود المانع أو العائق غير المتسبب فيه المالك الوارد في المادة (8) من اللائحة الجديدة، إذ يركز التقييم على التحقق من وجود نزاع قضائي أو قيد نظامي يمنع المالك من التصرف أو التطوير (كالتصفية القضائية و الشيوع مع أوقاف، أو تعليق الصك على إجراءات التهميش)، ثم إثبات أن موكله لم يكن سبباً في هذا المانع، مع الطعن في أي بيانات غير دقيقة استندت إليها الجهة في فرض الرسم، وبذلك يؤسس دفاعه على أن فرض الرسم يخالف نصوص اللائحة ولوائح قسمة الأموال المشتركة، ويستند إلى سوابق قضائية مثل هذا الحكم لإلغاء الرسم.

 

المصدر :-

مدونة الأحكام القضائية الإدارية الصادرة عن ديوان المظالم لعام 1444 ه ، المجلد الأول ، قضية بتاريخ 19/9/1444 ه ، ص 572 إلى 592.

https://www.bog.gov.sa/ScientificContent/JudicialBlogs/1444/Pages/default.aspx

شارك على لينكدان

التعليقات

لا توجد تعليقات كيف تجنب مالك أرض رسوم مائة ألف ريال قانونياً؟

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *